وصلتك - تسهل مهمتكم

جدلية اللغة في المدرسة الجزائرية عام 2025: العربية والفرنسية والإنجليزية بين الهوية والمعرفة

يبدو النقاش حول لغات التدريس في الجزائر وكأنه لا ينتهي؛ يتجدد مع كل إصلاح تربوي، مع كل سنة دراسية جديدة، ومع كل نقاش مجتمعي حول جودة التعليم. ومن موقع جزائري يعيش يوميات هذا الجدل، أصبحت مسألة اللغة في المدرسة أقرب إلى مرآة لعدة تحولات: هوية تبحث عن توازن، واقتصاد يسعى للانفتاح، ومجتمع يريد تعليمًا يفتح أبواب المستقبل لأبنائه.
العربية كانت دائمًا عمود التعليم الأساسي؛ لغة الهوية، الذاكرة الجماعية، والوجدان الوطني. لكنها، في المقابل، تجد نفسها اليوم أمام تحدي اللغة العلمية والاقتصادية التي تمثلها الإنجليزية، والتي أصبحت مفتاح التكنولوجيا، البحث العلمي، والاقتصاد العالمي. أما الفرنسية، فهي لغة واقع قبل أن تكون خيارًا؛ حاضرة في الجامعة، في الإدارة، وفي عدد كبير من المواد التقنية.
الأسرة الجزائرية تجد نفسها بين ثلاث لغات كل واحدة منها ضرورية في سياق مختلف. الأب والأم يريدان الحفاظ على العربية دون التفريط في الإنجليزية، وفي الوقت نفسه يريدان لأبنائهما فهم الرياضيات والعلوم التي لا تزال تُدرَّس بشريحة واسعة بالفرنسية. هنا يصبح الطفل هو الحلقة التي تتحمل ثقل هذا التعدد اللغوي غير المنسق.
فالمدرسة الجزائرية اليوم تقف أمام معادلة صعبة: كيف تدمج اللغات الثلاث دون أن يصبح التلميذ ضحية ثقلها؟ كيف نضمن جودة التعليم بدل الاكتفاء بالشعارات؟ وكيف ننتقل من “نقاش لغوي” إلى “سياسة لغوية” واضحة، مستقرة، ومبنية على دراسة علمية وليس على التوترات الاجتماعية؟
من جانب آخر، التحول الرقمي في التعليم يفتح فرصة جديدة. اليوم يمكن للمدارس، المؤسسات، وحتى أولياء التلاميذ الاستفادة من أدوات رقمية تُسهّل التعلم متعدد اللغات، وتجعل التلميذ يتعامل مع المحتوى بمرونة أكبر. وهنا تأتي حلول مثل Waslatic Academy  وWaslatic ERP  كأمثلة على أن التكنولوجيا يمكن أن تكون جزءًا من حلّ مشكلة التعقيد اللغوي، خصوصًا في إدارة التعليم والتعلم الإلكتروني بشكل منظم واحترافي.
في النهاية، القضية ليست صراع لغات؛ بل بحث عن أفضل وسيلة لتأهيل جيل جديد قادر على التفكير بالعربية، التعلم بالفرنسية، والانفتاح على العالم بالإنجليزية. والنجاح الحقيقي لن يكون في اختيار لغة واحدة، بل في خلق انسجام بينها يجعل المدرسة مكانًا لإنتاج المعرفة، وليس ساحة صراع بين ثلاث لغات.

هذا تحليل شخصي مبني على قراءة للواقع التربوي كما يراه المواطن الجزائري في 2025
.
الأستاذ. قارة عمر عبد الرحمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Layer 1
Scroll to Top