لم تكن ريادة الأعمال الصغيرة او مثلما نسميها اليوم ( المقاول الذاتي ) يومًا خيارًا مطروحًا بقوة لدى الجزائريين كما هو الحال اليوم. لسنوات طويلة، ظلّ حلم الطبقة المتوسطة محصورًا بين وظيفة مستقرة، راتب مضمون، ومسار مهني تقليدي. لكن التغيرات الاقتصادية المتسارعة، وتذبذب فرص العمل، وتآكل القدرة الشرائية، دفعت شريحة واسعة من الجزائريين إلى إعادة التفكير في علاقتهم بسوق الشغل؛ وإلى البحث عن نماذج جديدة للاستقلالية المالية.
وهكذا بدأ مفهوم Auto-Entrepreneur يتحوّل تدريجيًا من مجرد مصطلح إداري جديد، إلى واقع يفرض نفسه بقوة داخل المجتمع الجزائري.
اليوم، ترى خرّيجي الجامعات، والحرفيين، والموظفين، وحتى الشباب الباحثين عن أول فرصة، يتجهون نحو إنشاء نشاط صغير، رسمي أو شبه رسمي، يضمن لهم مصدر دخل إضافي أو حتى بديلاً كاملاً عن الوظيفة. هذا التحول ليس ناتجًا عن الموضة؛ بل عن معادلات اقتصادية جديدة ظهرت خلال السنوات الأخيرة.
ففي ظل التغيرات التي تمسّ سوق الشغل، أصبحت الوظيفة تضمن الاستقرار، لكنها لم تعد تكفي لتلبية متطلبات الحياة اليومية. ومن هنا جاء التفكير في الاستقلال المهني كخيار منطقي، بل وضروري، لدى الكثيرين. ريادة الأعمال لم تعد حكرًا على رجال الأعمال؛ بل أصبحت أقرب إلى أسلوب حياة جديد، يقوم على المرونة، الإبداع، واستغلال المهارات الفردية – بأبسط الوسائل.
لكن الطريق ليس مفروشًا بالورود. أكبر تحدٍّ يواجهه الـ Auto-Entrepreneur في الجزائر هو تحويل الفكرة إلى مشروع ، وسط بيئة ما تزال في طور التكيّف مع الاقتصاد الرقمي. هنا تظهر أهمية الأدوات الرقمية التي تساعد أصحاب المشاريع الصغيرة على الانطلاق بدون تكاليف كبيرة، وعلى إدارة نشاطهم بطريقة أكثر احترافية.
ومن بين الخدمات التي أصبحت تدعم هذا التحول، تأتي حلول مثل Waslatic ERP التي تمنح صاحب المشروع أدوات الفوترة، تسيير الزبائن، المخزون، والدفع الإلكتروني؛ في بيئة بسيطة وموجهة خصوصًا للمتعاملين الصغار.
وجود مثل هذه الحلول بدأ يساهم تدريجيًا في تقليص الهوة بين واقع المؤسسات الصغيرة وما تحتاجه للبقاء في السوق.
في النهاية، يبدو أن خيار الـ Auto-Entrepreneur لم يعد مجرد محاولة لملء الفراغ؛ بل أحد المسارات الواقعية لإعادة تشكيل الطبقة المتوسطة في الجزائر، ومنحها أدوات جديدة للحفاظ على استقلاليتها المالية في ظل مرحلة اقتصادية متغيرة.
ورغم كل التحديات، هناك شعور واضح بأن المجتمع الجزائري بدأ يتقبل فكرة أن النجاح لم يعد يمرّ بالضرورة عبر الوظيفة – بل عبر امتلاك مشروع، مهما كان صغيرًا، يمنح صاحبه القدرة على التحكم في مستقبله.